باب استحباب الخروج يوم الخميس أول النهار
956- عن كعبِ بن مالك ، رَضيَ اللَّهُ عنه ، أَنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم خَرَجَ في غَزْوَةِ تَبُوكَ يَوْمَ الخَمِيسِ ، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يَخْرُجَ يَوْمَ الخَمِيس . متفقٌ عليه .
وفي رواية في الصحيحين : « لقلَّما كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَخْرُجُ إِلاَّ في يَوم الخَمِيسِ » .
957- وعن صخْرِ بنِ وَدَاعَةَ الغامِدِيِّ الصَّحابيِّ رضي اللَّه عنْهُ ، أَنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ : « اللَّهُمَّ بَارِكْ لأُمَّتي في بُكُورِها » وكَان إِذا بعثَ سَرِيَّةً أَوْ جيشاً بعَثَهُم مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ وَكان صخْرٌ تَاجِراً ، وَكَانَ يَبْعثُ تِجارتهُ أَوَّلَ النَّهار ، فَأَثْرى وكَثُرَ مالُهُ . رواه أبو داود والترمذيُّ وقال : حديثٌ حسن .
باب استحباب طلب الرفقة
وتأميرهم على أنفسهم واحداً يطيعونه
وتأميرهم على أنفسهم واحداً يطيعونه
958- عَن ابْنِ عُمَرَ رضِيَ اللَّه عَنْهُما قَالَ : قَالَ رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لَوْ أَنَّ النَّاسَ يَعْلَمُونَ مِنَ الوحْدةِ ما أَعَلمُ ما سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وحْدَهُ » رواه البخاري .
959- وعن عمرو بن شُعَيْبٍ ، عن أَبيه ، عن جَدِّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « الرَّاكِبُ شَيطَانٌ ، والرَّاكِبان شَيطَانانِ ، والثَّلاثَةُ رَكبٌ » .
رواه أبو داود ، والترمذي ، والنسائي بأَسانيد صحيحة ، وقال الترمذي : حديثٌ حسن.
960- وعن أَبي سعيدٍ وأَبي هُريرةَ رضيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا قَالا : قَال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : إِذا خَرَج ثَلاثَةٌ في سفَرٍ فليُؤَمِّرُوا أَحدهم » حديث حسن ، رواه أبو داود بإسنادٍ حسن .
961- وعن ابْنِ عبَّاسٍ رضِي اللَّهُ عَنْهُما عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: « خَيرُ الصَّحَابةِ أَرْبَعَةٌ ، وَخَيْرُ السَّرايا أَرْبَعُمِائَةٍ ، وخَيرُ الجُيُوش أَرْبعةُ آلافٍ ، ولَن يُغْلَبَ اثْنَا عشر أَلْفاً منْ قِلَّة » رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن .
باب آداب السير والنزول والمبيت في السفر
والنوم في السفر واستحباب السُّرَى والرفق بالدواب ومراعاة مصلحتها وأمر من قصر في حقها بالقيام بحقها وجواز الإرداف على الدابة إذا كانت تطيق ذلك
962- عن أَبي هُرَيْرَة رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قال رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إذا سافَرْتُم في الخِصْبِ فَأعْطُوا الإِبِلَ حظَّهَا مِنَ الأَرْضِ ، وإِذا سافَرْتُمْ في الجَدْبِ ، فَأَسْرِعُوا عَلَيْهَا السَّيْرَ وَبادروا بِهَا نِقْيَهَا ، وَإذا عرَّسْتُم ، فَاجتَنِبُوا الطَّريقَ ، فَإِنَّهَا طرُقُ الدَّوابِّ ، وَمأْوى الهَوامِّ باللَّيْلِ » رواه مسلم .
معنى « اعطُوا الإِبِلَ حَظها مِنَ الأرْضِ » أَيْ : ارْفقُوا بِهَا في السَّيرِ لترْعَى في حالِ سيرِهَا ، وقوله : « نِقْيَها » هو بكسر النون ، وإسكان القاف ، وبالياءِ المثناة من تحت وهو: المُخُّ ، معناه : أَسْرِعُوا بِهَا حتى تَصِلُوا المَقِصد قَبلَ أَنْ يَذهَبَ مُخُّها مِن ضَنكِ السَّيْرِ. وَ«التَّعْرِيسُ » : النزُولُ في الليْل .
963- وعن أَبي قَتَادةَ رضيَ اللَّهُ عنهُ قَالَ : كانَ رَسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا كانَ في سفَرٍ ، فَعَرَّسَ بلَيْلٍ اضْطَجَعَ عَلى يَمينِهِ، وَإِذا عَرَّس قُبيْلَ الصُّبْحِ نَصَبَ ذِرَاعَهُ وَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلى كَفِّه . رواه مسلم .
قال العلماءُ : إَِّنما نَصَبَ ذِرَاعهُ لِئلاَّ يسْتَغْرِقَ في النَّوْمِ فَتَفُوتَ صلاةُ الصُّبْحِ عنْ وقْتِهَا أَوْ عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا .
964- وعنْ أَنسٍ رضي اللَّه عنهُ قَال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « عَلَيْكُمْ بِالْدُّلْجَةِ ، فَإِنَّ الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيلِ » رواه أبو داود بإسناد حسن . « الدُّلجَة » السَّيْرُ في اللَّيْلِ .
965- وعنْ أَبي ثَعْلَبةَ الخُشَنِي رَضي اللَّه عنهُ قال : كانَ النَّاسُ إذا نَزَلُوا مَنْزلاً تَفَرَّقُوا في الشِّعابِ والأَوْدِيةِ . فقالَ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إن تَفَرُّقَكُمْ في هَذِهِ الشِّعابِ وَالأوْدِية إِنَّما ذلكُمْ منَ الشَّيْطَان ،» فَلَمْ ينْزلُوا بعْدَ ذلك منْزلاً إِلاَّ انْضَمَّ بَعضُهُمْ إلى بعْضٍ. رواه أبو داود بإسناد حسن .
966- وعَنْ سَهْلِ بنِ عمرو وَقيلَ سَهْلِ بن الرَّبيعِ بنِ عَمرو الأنْصَاريِّ المَعروفِ بابنِ الحنْظَليَّةِ ، وهُو منْ أهْل بَيْعةِ الرِّضَوان ، رضيَ اللَّه عنه قالَ : مرَّ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ببعِيرٍ قَدْ لَحِقَ ظَهْرُهُ ببطْنِهِ فقال : « اتَّقُوا اللَّه في هذه البهَائمِ المُعْجمةِ فَارْكبُوها صَالِحَةً ، وكُلُوها صالحَة » رواه أبو داود بإسناد صحيح .
967- وعَن أبي جعفرٍ عبدِ اللَّهِ بنِ جعفرٍ ، رضيَ اللَّه عنهما قال : أَرْدفني رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، ذات يَوْم خَلْفَه ، وَأسَرَّ إِليَّ حدِيثاً لا أُحَدِّث بِهِ أحَداً مِنَ النَّاسِ ، وكانَ أَحبَّ مَا اسْتَتَر بِهِ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لِحاجَتِهِ هَدَفٌ أَوْ حَائشُ نَخل . يَعْني : حَائِطَ نَخْل : رواه مسلم هكذا مختصراً .
وزاد فِيهِ البَرْقانيُّ بإِسناد مسلم : هذا بعد قوله : حائشُ نَخْلٍ : فَدَخَلَ حَائطاً لِرَجُلٍ منَ الأَنْصارِ ، فإذا فِيهِ جَمَلٌ ، فَلَمَّا رَأى رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم جرْجرَ وذَرفَتْ عَيْنَاه ، فأَتَاهُ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَمَسَحَ سَرَاتَهُ أَي : سنامَهُ وَذِفْرَاهُ فَسكَنَ ، فقال : «مَنْ رَبُّ هذا الجَمَلِ ، لِمَنْ هَذا الجَمَلُ ؟ » فَجاءَ فَتى مِنَ الأَنصَارِ فقالَ : هذا لي يا رسولَ اللَّه . فقالَ : « أَفَلا تَتَّقِي اللَّه في هذِهِ البَهيمَةِ التي مَلَّكَكَ اللَّهُ إياهَا ؟ فإنَّهُ يَشْكُو إِليَّ أَنَّكَ تُجِيعُهُ وَتُدْئِبُهُ » .
ورواه أبو داود كروايةِ البَرْقاني .
قوله : « ذِفْرَاه » هو بكسر الذال المعجمة وإسكان الفاءِ ، وهو لفظٌ مفردٌ مؤنثٌ .قال أَهْلُ اللُّغَة : الذِّفْرَى : المَوْضِعُ الذي يَعْرَقُ مِنَ البَعِيرِ خلْف الأذنِ ، وقوله : « تُدْئِبُهُ » أَيْ: تُتْعِبُهُ .
968- وعن أَنسٍ رَضيَ اللَّهُ عنْهُ ، قال : كُنَّا إِذا نَزَلْنَا مَنْزِلاً ، لا نسَبِّحُ حَتَّى نَحُلَّ الرِّحَالَ . رواه أبو داود بإِسناد على شرط مسلم .
وقوله : « لا نُسَبِّحُ » أَيْ لا نُصلِّي النَّافلَةَ ، ومعناه : أَنَّا مَعَ حِرْصِنا على الصَّلاةِ لا نُقَدِّمُها عَلى حطِّ الرِّحال وإرَاحةِ الدَّوابِّ .
بابُ إعانةِ الرفيقِ
في الباب أحاديث كثيرة تقدمت كحديث:
( والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ) (انظر الحديث رقم 245) .
وحديث: ( كل معروف صدقة ) (انظر الحديث رقم 134) وأشباههما
969- وعن أَبي سعيدٍ الخُدْريِّ رَضيَ اللَّه عنه قال : بينما نَحْنُ في سَفَرٍ إِذ جَاءَ رَجُلٌ على رَاحِلةٍ لهُ ، فَجعَلَ يَصْرِفُ بَصَرهُ يَمِيناً وَشِمَالاً ، فقال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهرٍ ، فَلْيعُدْ بِهِ على منْ لا ظَهر له ، ومَنْ كانَ له فَضلُ زَادٍ ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلى مَنْ لا زَادَ له » فَذَكَرَ مِنْ أَصْنافِ المال ما ذَكَرَهُ ، حَتى رَأَينَا أَنَّهُ لا حقَّ لأحَدٍ منا في فضْلٍ . رواه مسلم .
970- وعنْ جابرٍ رضيَ اللَّه عنهُ ، عَنْ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّه أَرادَ أَنْ يَغْزُوَ فقال: يا معْشَرَ المُهَاجِرِينَ والأنصارِ ، إِنَّ مِنْ إخوَنِكُم قَوْماً ، ليْس لهمْ مَالٌ ، وَلا عشِيرَةٌ ، فَلْيَصُمَّ أَحَدكم إِليْهِ الرَجُلَيْنِ أَوِ الثَّلاثَةَ ، فما لأحدِنَا منْ ظهرٍ يحْمِلُهُ إلا عُقبَةٌ يعْني كَعُقْبَةٍ أَحَدهمْ، قال : فَضَممْتُ إليَّ اثْنَيْينِ أَو ثَلاثَةً ما لي إلا عُقبةٌ كعقبَةِ أَحَدِهمْ مِنْ جَملي . رواه أبو داود.
971- وعنه قال : كانَ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَتَخلَّف في المسِيرِ فَيُزْجِي الضَّعيف ويُرْدفُ ويدْعُو له .. رواه أبو داود بإِسناد حسن .
باب ما يقوله إذا ركب الدابة للسفرِ
قال اللَّه تعالى: { وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون. لتستووا على ظهوره ثم تذكروا نعمة ربكم إذا استويتم عليه، وتقولوا: سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، وإنا إلى ربنا لمنقلبون}.
972- وعن ابنِ عمر رَضِيَ اللَّه عنهما ، أَنَّ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ إِذا اسْتَوَى عَلَى بعِيرهِ خَارجاً إِلي سفَرٍ ، كَبَّرَ ثلاثاً ، ثُمَّ قالَ : «سبْحانَ الذي سخَّرَ لَنَا هذا وما كنَّا له مُقرنينَ، وَإِنَّا إِلى ربِّنَا لمُنقَلِبُونَ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ في سَفَرِنَا هذا البرَّ والتَّقوى ، ومِنَ العَمَلِ ما تَرْضى . اللَّهُمَّ هَوِّنْ علَيْنا سفَرَنَا هذا وَاطْوِ عنَّا بُعْدَهُ ، اللَّهُمَّ أَنتَ الصَّاحِبُ في السَّفَرِ ، وَالخَلِيفَةُ في الأهْلِ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وعْثَاءِ السَّفَرِ ، وكآبةِ المنظَرِ ، وَسُوءِ المنْقلَبِ في المالِ والأهلِ وَالوَلدِ » وإِذا رجَعَ قَالهُنَّ وزاد فيِهنَّ : « آيِبونَ تَائِبونَ عَابِدُون لِرَبِّنَا حَامِدُونَ » رواه مسلم .
معنى « مُقرِنِينَ » : مُطِيقِينَ .« والوَعْثاءُ » بفتحِ الواوِ وإسكان العين المهملة وبالثاءِ المثلثة وبالمد ، وَهي : الشِّدَّة . و « الكآبة » بِالمدِّ ، وهي : تَغَيُّرُ النَّفس مِنْ حُزنٍ ونحوه. « وَالمنقَلَبُ » : المرْجِعُ .
973- وعن عبد اللَّه بن سرْجِس رضي اللَّه عنه قال : كان رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذا سافر يَتَعوَّذ مِن وعْثاءِ السفـَرِ ، وكآبةِ المُنْقَلَبِ ، والحوْرِ بعْد الكَوْنِ ، ودعْوةِ المظْلُومِ . وسوءِ المنْظَر في الأهْلِ والمَال . رواه مسلم .
هكذا هو في صحيح مسلم : الحوْرِ بعْدَ الكوْنِ ، بالنون ، وكذا رواه الترمذي ، والنسائي ، قال الترمذي : ويروي « الكوْرُ » بِالراءِ ، وكِلاهُما لهُ وجْهٌ . قال العلماءُ : ومعناه بالنونِ والراءِ جميعاً : الرُّجُوعُ مِن الاسْتقامَةِ أَوِ الزِّيادة إِلى النَّقْصِ . قالوا : وروايةُ الرَّاءِ مأْخُوذَةٌ مِنْ تكْوِير العِمامةِ ، وهُوَ لَفُّهَا وجمْعُها ، وروايةُ النون مِنَ الكَوْن ، مصْدَرُ «كانَ يكُونُ كَوناً » إذا وُجد واسْتَقرَّ .
974- وعن علِيِّ بن ربيعة قال : شَهدْتُ عليَّ بن أبي طالب رَضي اللَّه عنهُ أُتِيَ بِدابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا ، فَلما وضَع رِجْلَهُ في الرِّكابِ قال : بِسْم اللَّهِ ، فلَمَّا اسْتَوَى على ظَهْرها قال : الحْمدُ للَّهِ الذي سَخَّرَ لَنَا هذا ، وما كُنَّا لَهُ مُقْرنينَ ، وإنَّا إلى ربِّنَا لمُنْقلِبُونَ ، ثُمَّ قال : الحمْدُ للَّهِ ثَلاثَ مرَّاتٍ ، ثُمَّ قال : اللَّه أَكْبرُ ثَلاثَ مرَّاتٍ ، ثُمَّ قال : سُبْحانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لي إِنَّه لا يغْفِرُ الذُّنُوب إِلاَّ أَنْتَ ، ثُمَّ ضحِك ، فَقِيل : يا أمِير المُؤْمِنينَ ، مِنْ أَيِّ شَيءٍ ضَحِكْتَ ؟ قال : رأَيتُ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَعل كَما فعلْتُ ، ثُمَّ ضَحِكَ فقلتُ : يا رسول اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيء ضحكْتَ ؟ قال : « إِنَّ رَبَّك سُبْحانَهُ يَعْجب مِنْ عَبْده إذا قال : اغْفِرِ لي ذنُوبي، يَعْلَمُ أَنَّهُ لا يغْفِرُ الذَّنُوبَ غَيْرِي » . رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديثٌ حسنٌ، وفي بعض النسخ : حسنٌ صحيحٌ . وهذا لفظ أَبي داود .
باب تكبير المسافر إذا صعد الثنايا وشبهها
وتسبيحه إذا هبط الأودية ونحوها والنهي عن المبالغة برفع الصوت بالتكبير ونحوه
975- عن جابرٍ رضي اللَّه عنهُ قال : كُنَّا إِذا صعِدْنَا كَبَّرْنَا ، وإِذا نَزَلْنَا سبَّحْنا . رواه البخاري .
976- وعن ابن عُمر رضي اللَّه عنهما قال : كانَ النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وجيُوشُهُ إِذا علَوُا الثَّنَايَا كَبَّرُوا ، وَإذا هَبطُوا سَبَّحوا . رواه أبو داود بإسناد صحيح .
977- وعنهُ قال : كانَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إذا قَفَل مِنَ الحجِّ أَو العُمْرَةِ كُلَّما أَوْفى عَلى ثَنِيَّةٍ أَوْ فَدْفَد كَبَّر ثَلاثاً ، ثُمَّ قال : « لا إله إلاَّ اللَّه وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ المُلْك ولَهُ الحمْدُ ، وَهُو على كلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ . آيِبُونَ تَائِبُونَ عابِدُونَ ساجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ . صدقَ اللَّه وَعْدهُ، وَنَصر عبْده ، وَهَزَمَ الأَحزَابَ وحْدَه » متفقٌ عليه .
وفي روايةٍ لمسلم : إِذا قَفَل مِنَ الجيُوشِ أو السَّرَايا أَو الحجِّ أو العُمْرةِ .
قوْلهُ : « أَوْفَى » أَي : ارْتَفَعَ ، وقولهُ : « فَدْفَد » هو بفتح الفاءَين بينهما دالٌ مهملةٌ ساكِنَةٌ ، وآخِرُهُ دال أُخرى وهو : « الغَليظُ المُرْتَفِع مِنَ الأرْض » .
978- وعن أَبي هُريرةَ رضي اللَّهُ عنهُ أَنَّ رجلاً قال : يا رسول اللَّه ، إني أُرِيدُ أَن أُسافِر فَأَوْصِنِي ، قال : « عَلَيْكَ بِتقوى اللَّهِ ، وَالتَّكبير عَلى كلِّ شَرفٍ فَلَمَّا ولَّي الرجُلُ قال: «اللَّهمَّ اطْوِ لهُ البُعْدَ ، وَهَوِّنْ عَليهِ السَّفر » رواه الترمذي وقال : حديث حسن .
979- وعن أَبي موسى الأَشعَريِّ رضي اللَّه عنه قال : كنَّا مَع النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في سَفَرٍ ، فكنَّا إذا أَشرَفْنَا على وادٍ هَلَّلنَا وكَبَّرْنَا وَارْتَفَعتْ أَصوَاتنا فقالَ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « يا أَيُّهَا الناس ارْبَعُوا عَلى أَنْفُسِكم فَإنَّكم لا تَدعونَ أَصَمَّ وَلا غَائِباً . إنَّهُ مَعكُمْ ، إنَّهُ سَمِيعٌ قَريبٌ » متفقٌ عليه .
« ارْبعُوا » بفتحِ الباءِ الموحدةِ أَيْ : ارْفقوا بأَنْفُسِكم .
باب استحباب الدعاء في السفر
980- عن أَبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عنهُ قالَ : قالَ : رسولُ الله صلى الله عليه وسلم :(( ثَلاثُ دَعَوَاتٍ مُسْتجَابَاتٌ لا شَكَّ فِيهنَّ : دَعْوَةُ المَظلومِ ، وَدَعْوَةُ المسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ المسَافِرِ ، وَدَعْوَةُ الوَالِدِ عَلى وَلدِهِ)) رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن . وليس في رواية أَبي داود : (( على ولِدِه)).
باب ما يدعو به إذا خاف ناساً أو غيرهم
981- عن أَبي موسى الأشعرِيِّ رَضي اللَّه عنهُ أَنَّ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ إذا خَافَ قَوماً قال : « اللَّهُمَّ إِنَّا نجعلُكَ في نحورِهِمْ ، ونعُوذُ بِك مِنْ شرُوِرِهمْ » رواه أبو داود ، والنسائي بإسناد صحيح .
باب ما يقول إذا نزل منزلاً
982- عن خَولَة بنتِ حكيمٍ رَضي اللَّهُ عنها قالتْ : سمعْتُ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ : «مَنْ نَزلَ مَنزِلاً ثُمَّ قال : أَعُوذُ بِكَلِمات اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ، لَمْ يضرَّه شَيْءٌ حتَّى يرْتَحِل مِنْ منزِلِهِ ذلكَ » رواه مسلم .
983- وعن ابن عمرو رَضي اللَّه عنهمَا قال : كانَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إذا سَافَرَ فَأَقبَلَ اللَّيْلُ قال : يَا أَرْضُ ربِّي وَربُّكِ اللَّه ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شرِّكِ وشَرِّ ما فِيكِ ،وشر ماخُلقَ فيكِ ، وشَرِّ ما يدِبُّ عليكِ ، وأَعوذ باللَّهِ مِنْ شَرِّ أَسدٍ وَأَسْودٍ ، ومِنَ الحيَّةِ والعقربِ ، وَمِنْ سَاكِنِ البلَدِ، ومِنْ والِدٍ وما وَلَد » رواه أبو داود .
« والأَسودُ » الشَّخص ، قال الخَطَّابي : « وسَاكِن البلدِ » : هُمُ الجنُّ الَّذِينَ همْ سُكَّان الأرْضِ . قال : والبلد مِنَ الأَرْضِ مَا كان مأْوى الحَيوَانِ وإنْ لَمْ يَكنْ فِيهِ بِنَاء وَمَنازلُ قال : ويحتَمِلُ أَنَّ المراد « بِالوالِدِ » : إِبلِيسُ « وما ولد » : الشَّيَاطِينُ .
باب استحباب تعجيل المسافر
الرجوع إلى أهله إذا قضى حاجته
984- عن أَبي هُرَيْرَةَ رضيَ اللَّه عنهُ أَنَّ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « السَّفَرُ قِطْعةٌ مِن العذَابِ ، يمْنَعُ أَحدَكم طَعامَهُ ، وشَرَابَهُ وَنَوْمَهُ ، فإذا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ مِنْ سَفَرِهِ ، فَلْيُعَجِّل إلى أَهْلِهِ » متفقٌ عليه . « نَهْمَتهُ » : مَقْصُودهُ .
باب استحباب القدوم على أهله نهاراً
وكراهته في الليل لغير حاجة
985- عن جابرٍ رضي اللَّه عنهُ أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إذا أَطالَ أَحدُكمْ الغَيْبةَ فَلا يطْرُقنَّ أَهْلَهُ لَيْلاً » .
وفي روايةٍ أَنَّ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم نَهى أَنْ يطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلاً . متفقٌ عليه .
986- وعن أنسٍ رضي اللَّه عنهُ قال : كانَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وسلَّمَ لا يطرُقُ أَهْلَهُ لَيْلاً ، وكان يَأْتِيهمْ غُدْوةً أَوْ عشِيَّةً . متفقٌ عليه .
« الطُّرُوقُ » : المَجِيءُ في اللَّيْلِ .
باب ما يقوله إذا رجع وإذا رأى بلدته
987- وعن أَنسٍ رَضي اللَّهُ عنهُ قال : أَقْبَلْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، حَتَّى إذا كُنَّا بِظَهْرِ المَدِينَةِ قال : « آيِبُونَ ، تَائِبُونَ ، عَابِدونَ ، لِرَبِّنَا حَامِدُونَ » فلمْ يزلْ يقولُ ذلك حتَّى قَدِمْنَا المدينةَ» رواه مسلم .
باب استحباب ابتداء القادم بالمسجد
الذي في جواره وصلاته فيه ركعتين
988- عن كعب بنِ مالكٍ رضي اللَّه عنهُ أَن رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كانَ إذا قَدِمَ مِنْ سَفرٍ بَدأَ بالمَسْجِدِ فَركع فِيهِ رَكْعتَيْنِ . متفقٌ عليه .
باب تحريم سفر المرأة وحدها
989- عن أَبي هُرَيرَةَ رضي اللَّه عنهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يَحِلُّ لامْرَأَة تُؤْمِنُ باللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ تُسَافِرُ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلاَّ مَعَ ذِي محْرمٍ عليْهَا » متفقٌ عليه .
990- وعن ابنِ عباسٍ رضي اللَّه عنهما أنه سمع النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقولُ :« لا يخلُونَّ رَجُلٌ بامْرأةٍ إِلا ومَعَهَا ذُو محْرمٍ ، ولا تُسَافِرُ المرْأَةُ إِلاَّ معَ ذِي محْرمٍ » فقال لَهُ رَجُلٌ : يا رسولَ اللَّهِ إنَّ امْرأتي خَرجتْ حاجَّةً ، وإِنِّي اكْتُتِبْتُ في غَزْوةِ كَذَا وكَذَا ؟ قال : «انْطلِـقْ فَحُجَّ مع امْرأَتِكَ » متفقٌ عليه .