باب عيادة المريض
894- عن البَراء بن عازب رضي الله عنهما قال : أمَرنَا رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِعيَادةٍِ المَريض ، واتِّباع الجنازة ، وتشميت العاطس، وإبرار المقسم ونصر المظلوم ، وإجابة الداعي ، وإفشاء السلام . متفق عليه .
895- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « حَقُّ الْمُسلِمِ عَلَى الْمُسلِمِ خَمْسٌ ، رَدُّ السَّلام. وَعِيادَةُ المَريض ، وَاتباعُ الجنائز ، وإجابة الدَّعوة . وتشميت العاطس» متفق عليه .
896- وعنه قال قال رسول الله صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : إنَّ الله عزَّ وجل يَقُولُ يَوْمَ القيَامَة : « يَا ابْنَ آدَمَ مَرضْتُ فَلَم تَعُدْني ، قال : ياربِّ كَيْفَ أعُودُكَ وأنْتَ رَبُّ العَالَمين ؟ قال : أمَا عَلْمتَ أنَّ عَبْدي فُلاَناًَ مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ ، أمَا عَلمتَ أنَّك لو عُدْته لوجدتني عنده ؟ يا ابن آدم اطعمتك فلم تطعمني ، قال : يا رب كيف أطعمك وأنت رب العالمين ، قال : أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي ؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني ، قال : يارب كيف اسقيك وأنت رب العالمين ؟ قال : استسقاك عبدي فلان فلم تسقه ، أما علمت أنك لو سقيته لو جدت ذلك عندي ؟ » رواه مسلم .
897- وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قالَ رسولُ اللهِ ، صلى الله عليه وسلم: ((عُودُوا المَرِيضَ ، وَأَطْعِمُوا الجَائعَ، وفَكُّوا العَاني)) رواه البخاري .
((العَاني)): الأسِيرُ.
898- وعن ثوبان رضي الله عنه عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إنَّ المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خُرْفَةِ الجنة حتى يرجع » قيل : يا رسول الله وما خُرْفَةُ الجنة ؟ قال : « جَنَاها » رواه مسلم . « جَنَاها » : أي واجتني من الثمر .
899- وعن على رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ما من مسلم يعود مسلماً غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي ، وإن عاده عشيةً إلا صلى عليه سبعون ألف ملكٍ حتى يصبح ، وكان له خريف في الجنة » رواه الترمِذِي وقال : حديث حسن .
« الخرِيفُ » : التَّمْرُ المَخرُوفُ ، أَي : المُجتَنَي .
900- وعن أَنسٍ ، رضي اللَّهُ عنه ، قال : كانَ غُلامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُم النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فمرِضَ فأَتَاهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يعُودهُ ، فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فقالَ لَهُ : « أَسْلِمْ » فنَظَرَ إِلى أَبِيهِ وهُو عِنْدَهُ؟ فقال : أَطِعْ أَبا الْقاسِمِ ، فَأَسْلَم ، فَخَرَجَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، وَهُوَ يقولُ : « الحَمْدُ للَّهِ الَّذي أَنْقذهُ مِنَ النَّارِ » . رواه البخاري .
باب ما يدعى به للمريض
901- عن عائشة ، رضي اللَّه عنها ، أَن النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ إِذا اشْتكى الإِنْسانُ الشَّيءَ مِنْهُ، أَوْ كَانَتْ بِهِ قَرْحةٌ أَوْ جُرْحٌ ، قال النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، بأُصْبُعِهِ هكذا ، ووضع سُفْيانُ بْنُ عُييْنَة الرَّاوي سبابتَهُ بِالأَرْضِ ثُمَّ رَفَعَهَا وقال : بِسْمِ اللَّهِ ، تُربَةُ أَرْضِنا ، بِرِيقَةِ بَعْضنَا ، يُشْفَى بِهِ سَقِيمُنَا ، بِإِذْن رَبِّنَا » متفقٌ عليه .
902- وعنها أَن النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم كَانَ يعُودُ بَعْضَ أَهْلِهِ يَمْسَحُ بيدِهِ اليُمْنى ويقولُ : « اللَّهُمَّ ربَّ النَّاسِ ، أَذْهِب الْبَأسَ ، واشْفِ ، أَنْتَ الشَّافي لا شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ ، شِفاءً لا يُغَادِرُ سقَماً » متفقٌ عليه .
903- وعن أَنسٍ رضي اللَّه عنه أَنه قال لِثابِتٍ رحمه اللَّه : أَلا أَرْقِيكَ بِرُقْيَةِ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ؟ قال : بَلى . قال : اللَّهُمَّ رَبَّ النَّاسِ ، مُذْهِبَ البَأسِ ، اشْفِ أَنتَ الشَّافي ، لا شافي إِلاَّ أَنْتَ ، شِفاءً لا يُغادِر سَقَماً . رواه البخاري .
904- وعن سعدِ بن أَبي وَقَّاصٍ رضي اللَّه عنه قال : عَادَني رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال : «اللَّهُمَّ اشْفِ سعْداً ، اللَّهُمَّ اشْفِ سَعْداً ، اللَّهُمْ اشْفِ سَعداً » رواه مسلم .
905- وعن أَبي عبد اللَّهِ عثمانَ بنِ العَاصِ ، رضي اللَّه عنه أَنه شَكا إِلى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَجعاً يجِدُهُ في جَسدِهِ ، فقال له رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «ضَعْ يَدَكَ عَلى الذي يَأْلَمُ مِن جَسَدِكَ وَقلْ : بِسمِ اللَّهِ ثَلاثاً وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ : أَعُوذُ بِعِزَّةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ مِن شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحاذِرُ » رواه مسلم .
906- وعن ابن عباسٍ ، رضي اللَّه عنهما ، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « مَنْ عَادَ مَرِيضاً لَمْ يَحْضُرْهُ أَجَلُهُ ، فقالَ عِنْدَهُ سَبْعَ مَرَّات : أَسْأَلُ اللَّه الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشفِيَك : إِلاَّ عَافَاهُ اللَّه مِنْ ذلكَ المَرَضِ » رواه أبو داود والترمذي وقال : حديث حسن، وقال الحاكِم : حديث صحيح على شرطِ البخاري .
907- وعنه أَنَّ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم دَخَل على أَعَرابيٍّ يَعُودُهُ ، وَكانَ إذا دَخَلَ عَلى مَن يَعُودُهُ قال : « لا بَأْس ، طَهُورٌ إِن شَاء اللَّه » رواه البخاري .
908- وعن أَبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي اللَّه عنه أَن جِبْرِيلَ أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فقال : يَا مُحَمدُ اشْتَكَيْتَ ؟ قال : « نَعَمْ » قال : بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عيْنِ حَاسِدٍ ، اللَّهُ يشْفِيك ، بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ » رواه مسلم .
909- وعن أَبي سعيد الخُدْرِيِّ وأَبي هريرة رضيَ اللَّه عنهما ، أَنهُما شَهِدَا على رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنه قال : « مَنْ قال : لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ واللَّهُ أَكْبَرُ ، صدَّقَهُ رَبَّهُ ، فقال : لا إِله إِلاَّ أَنَا وأَنا أَكْبرُ . وَإِذَا قال : لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وحْدهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، قال : يقول : لا إِله إِلا أَنَا وحْدِي لا شَرِيك لي . وإذا قال : لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ ، قال : لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا ليَ المُلْك وَلىَ الحَمْدُ . وإِذا قال : لا إله إِلاَّ اللَّهُ وَلا حَوْلَ ولا قَوَّةِ إِلاَّ بِاللَّهِ، قال لا إِله إِلاَّ أَنَا وَلا حَوْلَ ولا قوَّةَ إِلاَّ بي » وَكانَ يقولُ : « مَنْ قالهَا في مَرَضِهِ ثُمَّ ماتَ لَمْ تَطْعَمْهُ النَّارُ » رواه الترمذي وقال : حديث حسن .
بابُ استحباب سؤالِ أهلِ المريضِ عَنْ حاِلهِ
910- عن ابن عباسٍ ، رضي اللَّه عنهما ، أَنَّ عليَّ بنَ أَبي طالبٍ ، رضي اللَّهُ عنهُ خرجَ مِنْ عِنْدِ رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في وجَعِهِ الذِي تُوُفيِّ فِيهِ ، فقال النَّاسُ : يا أَبَا الحسنِ ، كَيـفَ أَصْبَحَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : أَصْبحَ بِحمْد اللَّهِ بَارِئاً . رواه البخاري .
باب ما يقوله من أيس من حياته
911- عن عائشة رضيَ اللَّهُ عنها قالت : سَمِعْتُ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وهُوَ مُسْتَنِدٌ إِليَّ يَقُولُ : «اللَّهُمَّ اغفِرْ لي وَارْحمْني ، وَأَلحِقني بالرَّفِيقِ الأَعْلَى » متفق عليه .
912- وعنها قالت : رأَيْتُ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وهُوَ بِالموتِ ، عِندهُ قدحٌ فِيهِ مَاءٌ ، وهُو يدخِلُ يدهُ في القَدَحِ ، ثم يمسَحُ وجهَهُ بالماءِ ، ثم يقول : « اللَّهُمَّ أَعِنِّي على غمرَاتِ الموْتِ وَسَكَراتِ المَوْتِ » رواه الترمذي .
باب استحباب وصية أهل المريض
ومن يخدمه بالإحسان إليه واحتماله والصبر على ما يشق من أمره وكذا الوصية بمن قرب سبب موته بحد أو قصاص ونحوهما
913- عن عِمران بن الحُصَين رضي اللَّه عنهما أَن امرأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتِ النبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وهِي حُبْلَى مِنَ الزِّنَا ، فقالت : يا رسول اللَّهِ ، أَصبتُ حدًّا فَأَقمْهُ علَيَّ ، فَدعا رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وليَّهَا ، فقال : « أَحْسِنْ إِلَيْهَا ، فَإِذا وضَعتْ فَأْتِني بِهَا » فَفعلَ فَأَمر بِها النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فشُدَّتْ علَيها ثِيابُها ، ثُمَّ أَمر بِها فَرُجِمتْ ، ثُمَّ صَلَّى عليها . رواه مسلمٌ .
باب جواز قول المريض : أنا وجع ، أو شديد الوجع أو موعوك أو وارأساه ونحو ذلك
914- عن ابنِ مسعودٍ رضيَ اللَّه عنه قال : دَخَلتُ عَلى النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وهُو يُوعكُ ، فَمسِسْتُه ، فقلْتُ : إِنَّكَ لَتُوعَكُ وعْكاً شَديداً ، فقال : « أَجَلْ إِنِّي أُوَعَكُ كما يُوعكُ رَجُلانِ مِنْكُمْ » متفق عليه .
915- وعن سعدِ بن أَبي وَقَّاص رضي اللَّه عنه قال : جَاءَني رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يعودُني مِن وجعٍ اشَتدَّ بي ، فَقُلْتُ : بلَغَ بي ما ترى ، وأَنَا ذو مَالٍ ، وَلا يرِثُني إِلاَّ ابنتي . وذكر الحديث ، متفقٌ عليه .
916- وعن القاسم بن محمدٍ قال : قالَتْ عائشَةُ رضي اللَّهُ عنها : وارأْسَاهُ . فقال النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : «بلْ أَنَا وارأْسَاهُ » . وذكر الحديث .
رواه البخاري .
باب تلقين المحتضر : لا إله إلا الله
917- عن معاذٍ رضي اللَّه عنه قالَ : قال رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « منْ كَانَ آخِرَ كلاَمِهِ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّه دَخَلَ الجنَّةَ » رواه أبو داود والحاكم وقال : صحيح الإِسناد .
918- وعن أَبي سعيد الخُدْرِيِّ رضي اللَّه عنهُ قال : قال رسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لَقِّنُوا موْتَاكُمْ لا إِله إِلاَّ اللَّهُ » رواه مسلم .
باب ما يقوله بعد تغميض الميت
919- عن أُمِّ سَلمةَ رضيَ اللَّهُ عنها قالت : دَخَلَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم على أَبي سلَمة وَقَدْ شَقَّ بصَرُهُ ، فأَغْمضَهُ ، ثُمَّ قَال : « إِنَّ الرُّوح إِذا قُبِضَ ، تبِعَه الْبصَرُ » فَضَجَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِهِ فقال : « لا تَدْعُوا عَلى أَنْفُسِكُم إِلاَّ بِخَيْرٍ ، فإِنَّ المَلائِكَةَ يُؤمِّنُون عَلى ما تَقُولونَ » ثمَّ قالَ : « اللَّهُمَّ اغْفِر لأبي سَلَمَة ، وَارْفَعْ درَجَتهُ في المَهْدِيِّينَ ، وَاخْلُفْهُ في عَقِبِهِ في الْغَابِرِين، واغْفِرْ لَنَا ولَه يَاربَّ الْعَالمِينَ ، وَافْسحْ لَهُ في قَبْرِهِ ، وَنَوِّرْ لَهُ فيه » رواه مسلم .
باب ما يقال عند الميت وما يقوله من مات له ميت
920- عن أُمِّ سلَمَةَ رضي اللَّه عنها قالت : قالَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِذا حَضرْتُمُ المرِيضَ ، أَوِ المَيِّتَ ، فَقُولُوا خيْراً ، فَإِنَّ الملائِكَةَ يُؤمِّنونَ عَلى ما تقُولُونَ ، قالت: فلمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَة ، أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقُلْتُ : يا رسُولَ اللَّه ، إِنَّ أبا سلَمَة قَدْ مَاتَ ، قالَ : «قُولي : اللَّهُمَّ اغْفِرْ لي وَلَهُ ، وَأَعْقِبْني مِنْهُ عُقبى حسنةً » فقلتُ : فأَعْقَبني اللَّهُ منْ هُوَ خَيْرٌ لي مِنْهُ : مُحمَّداً صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . رواه مسلم هكذا : « إِذا حَضَرْتُمُ المَرِيضَ » أَو « الميِّت »على الشَّكِّ ، رواه أبو داود وغيره:« الميِّت»بلا شَكٍّ .
921- وعنها قالت : سمعتُ رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول : « مَا مِنْ عبدٍ تُصِيبُهُ مُصِيبَةٌ ، فيقولُ : إِنَّا للَّهِ وَإِنَّا إِليهِ رَاجِعُونَ : اللَّهمَّ أجرني في مُصِيبَتي ، وَاخْلُف لي خَيْراً مِنْهَا، إِلاَّ أَجَرَهُ اللَّهُ تعَالى في مُصِيبتِهِ وَأَخْلَف له خَيْراً مِنْهَا . قالت : فَلَمَّا تُوُفِّيَ أَبُو سَلَمَة ، قلتُ كما أَمَرني رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَأَخْلَفَ اللَّهُ لي خَيْراً منْهُ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . رواه مسلم .
922- وعن أَبي موسى رضي اللَّه عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إِذا ماتَ وَلدُ العبْدِ قال اللَّهُ تعالى لملائِكَتِهِ : قَبضْتُم وَلدَ عَبْدِي ؟ فيقولُونَ : نعَم ، فيقولُ : قَبَضتُم ثمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فيقولونَ : نَعم . فَيَقُولُ : فَمَاذَا قال عبْدِي ؟ فيقُولُونَ : حمِدكَ واسْتَرْجعَ ، فيقولُ اللَّهُ تعالى: ابْنُوا لعبدِي بَيتاً في الجَنَّة، وَسَمُّوهُ بيتَ الحمدِ» رواه الترمذي وقال: حديث حسن.
923- وعن أَبي هُريرةَ رضي اللَّهُ عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : يقُولُ اللَّهُ تعالى : ما لعَبْدِي المؤْمِن عِنْدي جزَاءٌ إِذا قَبَضْتُ صَفيَّه مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ، ثُمَّ احْتَسَبهُ ، إِلاَّ الجَنَّةَ » رواه البخاري .
924- وعن أُسامةَ بنِ زيدٍ رضي اللَّه عنهما قال : أَرْسَلَتْ إِحْدى بَناتِ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِلَيهِ تَدْعُوهُ وتُخْبِرُهُ أَنَّ صبيًّا لهَا أَوْ ابْناً في المَوتِ فقال للرَّسول : « ارْجِعْ إِلَيْهَا ، فَأَخْبِرْهَا أَنَّ للَّهِ تعالى مَا أَخذَ ولَهُ ما أعطى ، وَكُلُّ شَيْء عِنْدَهُ بِأَجْلٍ مُسَمَّى، فَمُرْهَا، فلْتَصْبِرْ ولْتَحْتسِبْ » وذكر تمام الحديث ، متفقٌ عليه .
باب جواز البكاء على الميت بغير ندب ولا نياحة
أما النياحة فحرام، وسيأتي فيها باب كتاب النهي إن شاء اللَّه تعالى. وأما البكاء فجاءت أحاديث بالنهي عنه، وأن الميت يعذب ببكاء أهله. وهي متأولة محمولة على من أوصى به، والنهي إنما هو عن البكاء الذي فيه ندب أو نياحة. والدليل على جواز البكاء بغير ندب ولا نياحة أحاديث كثيرة. منها:
925- عن ابنِ عُمرَ رضي اللَّه عنهما أَنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عاد سَعْدَ بنَ عُبَادَةَ ، وَمَعَهُ عبْدُ الرَّحمنِ بنُ عَوفٍ ، وسعْدُ بْنُ أَبي وَقَّاصٍ ، وعبْدُ اللَّهِ بن مَسْعُودٍ رضي اللَّه عنهم ، فَبكى رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فلمَّا رَأَى القوْمُ بُكاءَ رسولِ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، بَكَوْا ، فقال : « أَلا تَسْمعُونَ ؟ إِنَّ اللَّه لا يُعَذِّبُ بِدمْعِ العَيْنِ ، وَلا بِحُزْنِ القَلْبِ ، وَلكِنْ يُعَذّبُ بِهذاَ أَوْ يَرْحَمُ » وَأَشَارَ إِلى لِسَانِهِ .متفقٌ عليه .
926- وعن أُسَامة بنِ زَيْدٍ رضي اللَّه عنهما أَنَّ رسولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم رُفِعَ إِلَيهِ ابْنُ ابْنَتِهِ وَهُوَ في المَوْتِ ، فَفَاضَتْ عَيْنا رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فقال له سعدٌ : مَا هذا يا رسولَ اللَّهِ ؟، قال: « هَذِهِ رحمةٌ جَعَلها اللَّهُ تَعالى في قلوبِ عبادِهِ ، وَإِنما يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عبَادِهِ الرُّحَمَاءَ » متفقٌ عليه .
927- وعن أَنسٍ رضيَ اللَّهُ عنه أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم دَخَلَ عَلى ابْنه إِبَراهِيمَ رضيَ اللَّهُ عنْه وَهُوَ يَجودُ بَنفسِه فَجعلتْ عَيْنا رسولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم تَذْرِفَانِ . فقال له عبدُ الرَّحمن بنُ عوفٍ: وأَنت يا رسولَ اللَّه ؟، فقال : « يا ابْنَ عوْفٍ إِنَّها رَحْمةٌ » ثُمَّ أَتْبَعَها بأُخْرَى ، فقال: « إِنَّ الْعَيْنَ تَدْمَعُ والقَلْب يَحْزَنُ ، وَلا نَقُولُ إِلا ما يُرضي رَبَّنا وَإِنَّا لفِرَاقِكَ يا إِبْرَاهيمُ لمَحْزُونُونَ » .
رواه البخاري ، وروى مُسلمٌ بعضَه .
والأَحاديث في الباب كثيرة في الصحيح مشهورة ، واللَّه أعلم .
باب الكف عما يرى في الميت من مكروه
928- عن أَبي رافعٍ أَسْلم موْلى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « مَنْ غَسَّل ميِّتاً فَكَتَمَ عَلَيْه ، غَفَرَ اللَّهُ له أَرْبعِينَ مرَّةً » رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم .
باب الصلاة على الميت وتشييعه وحضور دفنه وكراهة اتباع النساء الجنائز
929- قد سبق فضل التشييع (انظر كتاب عيادة المريض وتشييع الميت) عن أَبي هُريرةَ رضيَ اللَّهُ عنه قال : قال رسول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ شَهِدَ الجنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّي عَلَيها فَلَهُ قِيرَاطٌ ، وَمَنْ شَهدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيراطَانِ » قيلَ وما القيراطَانِ ؟ قال : « مِثْلُ الجَبلَيْنِ العَظِيمَيْنِ » متفقٌ عليه .
930- وعنه أَنَّ رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « من اتَّبعَ جَنَازَةَ مُسْلمٍ إيمَاناً واحْتِسَاباً ، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّي عَلَيها ويَفْرُغَ من دَفنِها ، فَإِنَّهُ يَرْجعُ مِنَ الأَجرِ بقِيراطَين كُلُّ قيرَاط مِثلُ أُحُدٍ ، ومَنْ صَلَّى عَلَيهَا ، ثم رَجَعَ قبل أَن تُدْفَنَ ، فَإِنَّهُ يرجعُ بقِيرَاط » رواه البخاري .
931- وعن أُمِّ عطِيَّةَ رضي اللَّه عنها قَالَتْ : نُهينَا عنِ اتِّبَاعِ الجَنائز ، وَلم يُعزَمْ عَليْنَا » متفقٌ عليه .
« ومعناه » ولَمْ يُشدَّد في النَّهي كما يُشدَّدُ في المُحَرَّمَات .
باب استحباب تكثُّر المصلين على الجنازة
وجعل صفوفهم ثلاثة فأكثر
932- عَنْ عائشةَ رضي اللَّهُ عنها قَالَتْ : قال رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: ما مِنْ ميِّتٍ يُصلِّي عليهِ أُمَّةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ يبلُغُونَ مئَة كُلُّهُم يشْفَعُونَ له إِلا شُفِّعُوا فيه » رواه مسلم .
933- وعن ابنِ عباسٍ رضي اللَّه عنهما قال : سَمعْتُ رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُول : « مَا مِنْ رَجُلٍ مُسْلمٍ يَمُوتُ ، فَيقومُ عَلَى جَنَازتِهِ أَرْبَعونَ رَجُلا لا يُشركُونَ باللَّه شَيئاً إِلاَّ شَفَّعَهُمْ اللَّهُ فيهِ » رواه مسلم .
934- وعن مَرْثَدِ بن عبدِ اللَّه اليَزَنِيِّ قال : كانَ مالكُ بنُ هُبَيْرَةَ رضي اللَّه عنه إِذا صلَّى عَلى الجنَازَةِ ، فَتَقَالَّ النَّاسَ عَليها ، جزَّأَهُمْ عَلَيْهَا ثَلاثَةَ أَجْزَاءٍ ثم قال : قالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « مَنْ صَلَّى عليهِ ثَلاثَةُ صُفُوف ، فَقَدْ أَوْجَبَ » .
رواه أبو داود ، والترمذي وقال : حديث حسن .
باب ما يقرأ في صلاة الجنازة
كبر أربع تكبيرات. يتعوذ بعد الأولى ثم يقرأ فاتحة الكتاب، ثم يكبر الثانية، ثم يصلي على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم فيقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد. والأفضل أن يتممه بقوله: كما صليت على إبراهيم إلى قوله حميد مجيد، ولا يفعل ما يفعله كثير من العوام من قولهم: { إن اللَّه وملائكته يصلون على النبي } الآية (56 الأحزاب) فإنه لا تصح صلاته إذا اقتصر عليه، ثم يكبر الثالثة ويدعو للميت وللمسلمين بما سنذكره من الأحاديث إن شاء اللَّه تعالى، ثم يكبر الرابعة ويدعو. ومن أحسنه: اللهم لا تحرمنا أجره، ولا تفتنا بعده، واغفر لنا وله. والمختار أنه يطول الدعاء في الرابعة خلاف ما يعتاده أكثر الناس؛ لحديث ابن أبي أوفى الذي سنذكره إن شاء اللَّه تعالى (انظر الحديث رقم 937) فأما الأدعية المأثورة بعد التكبيرة الثالثة فمنها:
935- عن أبي عبدِ الرحمنِ عوفِ بن مالكٍ رضي اللَّه عنه قال : صلَّى رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَلى جَنَازَةٍ ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعائِهِ وَهُو يَقُولُ : « اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ ، وارْحمْهُ ، وعافِهِ ، واعْفُ عنْهُ ، وَأَكرِمْ نزُلَهُ ، وَوسِّعْ مُدْخَلَهُ واغْسِلْهُ بِالماءِ والثَّلْجِ والْبرَدِ ، ونَقِّه منَ الخَـطَايَا، كما نَقَّيْتَ الثَّوب الأبْيَضَ منَ الدَّنَس ، وَأَبْدِلْهُ دارا خيراً مِنْ دَارِه ، وَأَهْلاً خَيّراً منْ أهْلِهِ، وزَوْجاً خَيْراً منْ زَوْجِهِ ، وأدْخِلْه الجنَّةَ ، وَأَعِذْه منْ عَذَابِ القَبْرِ ، وَمِنْ عَذَابِ النَّار » حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أنَا ذلكَ المَيِّتَ . رواه مسلم .
936- وعن أبي هُريرة وأبي قَتَادَةَ ، وأبي إبْرَاهيمَ الأشْهَليَّ عنْ أبيه ، وأبوه صَحَابيٌّ رضي اللَّه عنهم ، عَنِ النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أنَّه صلَّى عَلى جَنَازَة فقال : « اللَّهم اغفر لِحَيِّنَا وَميِّتِنا ، وَصَغيرنا وَكَبيرِنَا ، وذَكَرِنَا وَأُنْثَانَا ، وشَاهِدِنا وَغائِبنَا . اللَّهُمَّ منْ أَحْيَيْتَه منَّا فأَحْيِه على الإسْلامِ ، وَمَنْ توَفَّيْتَه منَّا فَتَوَفَّهُ عَلى الإيمانِ ، اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنا أَجْرَهُ ، وَلا تَفْتِنَّا بَعْدَهُ » رواه الترمذي من رواية أبي هُرَيْرةَ والأشهَليِّ ، ورواه أبو داود من رواية أبي هريرة وأبي قَتَادَةَ . قال الحاكم : حديث أبي هريرة صَحيحٌ على شَرْطِ البُخاريِّ ومُسْلِمٍ ، قال الترْمِذي قال البخاريُّ : أَصحُّ رواياتِ هذا الحديث روايةُ الأَشْهَليِّ . قال البخاري : وَأَصَحُّ شيء في هذا الباب حديث عوْفِ بن مالكٍ .
937- وعن أبي هُريْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ قال : سمعتُ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يقول : « إذ صَلَّيْتُم عَلى المَيِّت ، فأَخْلِصُوا لهُ الدُّعاءَ » رواه أبوداود.
938- وعَنْهُ عَنِ النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم في الصَّلاةِ عَلى الجَنَازَة : « اللَّهُمَّ أَنْت ربُّهَا ، وَأَنْتَ خَلَقْتَها، وأَنْتَ هَديْتَهَا للإسلامِ ، وَأَنْتَ قَبَضْتَ رُوحَهَا ، وَأَنْتَ أَعْلمُ بِسِرِّها وَعَلانيتِها، جئْنَاكَ شُفعاءَ لَهُ فاغفِرْ لهُ » . رواه أبو داود .
939- وعن واثِلة بنِ الأسقعِ رضيَ اللَّه عنه قال : صَلَّى بِنَا رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عَلى رجُلٍ مِنَ المُسْلِمينَ ، فسمعته يقولُ : « اللَّهُمَّ إنَّ فُلانَ ابْنَ فُلان في ذِمَّتِكَ وحَلَّ بجوارك، فَقِهِ فِتْنَةَ القَبْر ، وَعَذَابَ النَّارِ ، وَأَنْتَ أَهْلُ الوَفاءِ والحَمْدِ ، اللَّهُمَّ فاغفِرْ لهُ وَارْحَمْهُ ، إنكَ أَنْتَ الغَفُور الرَّحيمُ »َ رواه أبو داود .
940- وعن عبد اللَّه بنِ أبي أوْفى رضي اللَّه عنهما أَنَّهُ كبَّر على جَنَازَةِ ابْنَةٍ لَهُ أَرْبَعَ تَكْبِيراتٍ ، فَقَامَ بَعْدَ الرَّابِعَةِ كَقَدْرِ مَا بَيْنَ التَّكْبيرتيْن يَسْتَغفِرُ لهَا وَيَدْعُو ، ثُمَّ قال : كَانَ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَصْنَعُ هكذَا وفي رواية : « كَبَّرَ أَرْبعاً فمكث سَاعةً حتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سيُكَبِّرُ خَمْساً ، ثُمَّ سلَّمَ عنْ يمِينهِ وَعَنْ شِمالِهِ ، فَلَمَّا انْصَرَف قُلْنا لَهُ : مَا هذا ؟ فقال : إنِّي لا أزيدُكُمْ عَلى مَا رَأَيْتُ رسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَصْنَعُ ، أوْ : هكذا صَنعَ رسولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم . رواه الحاكم وقال : حديث صحيح .
باب الإِسراع بالجنازة
941- عن أبي هُرَيْرَةَ رضِيَ اللَّهُ عنه عَن النَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « أَسْرِعُوا بِالجَنَازَةِ ، فَإنْ تَكُ صَالِحَةً ، فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونها إلَيْهِ ، وَإنْ تَك سِوَى ذلِكَ ، فَشَرٌّ تَضَعُونَهُ عَنْ رِقَابِكُمْ » متفقٌ عليه .
وفي روايةٍ لمُسْلِمٍ : « فَخَيْرٌ تُقَدِّمُونَهَا عَلَيْه » .
942- وعن أبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي اللَّه عنه قَالَ . كَانَ النَّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: « إذا وُضِعَتِ الجِنَازَةُ ، فَاحْتَملَهَا الرِّجَالُ عَلى أَعنَاقِهِمْ ، فَإنْ كَانتْ صَالحةً ، قالتْ : قَدِّمُوني، وَإنْ كَانَتْ غَيْرَ صَالِحَةٍ ، قَالَتْ لأهْلِهَا : يَاوَيْلَهَا أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِهَا ، يَسْمَعُ صَوْتَهَا كُلُّ شَيْءٍ إلاَّ الإنسانَ ، وَلَوْ سَمِعَ الإنْسَانُ ، لَصَعِقَ » رواه البخاري .
باب تعجيل قضاء الدين عن الميت
والمبادرة إلى تجهيزه إلا أن يموت فجأة فيترك حتى يتيقن موته
943- عن أَبي هريرة رضي اللَّه عنه ، عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « نَفْسُ المُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَي عَنْهُ » .رواه الترمذي وقال : حديث حسنٌ .
944- وعن حُصَيْنِ بن وحْوَحٍ رضي اللَّهُ عنه أَنْ طَلْحَةَ بنَ الْبُرَاءِ بن عازب رضِي اللَّه عنْهما مَرِض ، فَأتَاهُ النَّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَعُودُهُ فَقَالَ : إنّي لا أُرَى طَلْحةَ إلاَّ قدْ حَدَثَ فِيهِ المَوْتُ فَآذِنُوني بِهِ وَعَجِّلُوا بِهِ ، فَإنَّهُ لا يَنْبَغِي لجِيفَةِ مُسْلِمٍ أنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ » . رواه أبو داود .
باب الموعظة عندا لقبر
945- عن عليٍّ رَضِيَ اللَّهُ عنه قال : كُنَّا في جنَازَةٍ في بَقِيع الْغَرْقَد فَأَتَانَا رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، فقَعَدَ ، وقعدْنَا حَوْلَهُ وَمَعَهُ مِخْصَرَةٌ فَنَكَسَ وَجَعَلَ يَنْكُتُ بِمِخْصَرتِهِ ، ثم قال: ما مِنكُمْ مِنْ أَحَدٍ إلاَّ وَقَدْ كُتِبَ مقْعَدُهُ مِنَ النَّارِ ومَقْعَدُهُ مِنَ الجنَّة » فقالوا : يا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نَتَّكِلُ على كتابنَا ؟ فقال : « اعْمَلُوا ، فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ » وذكَر تمامَ الحديث، متفقٌ عليه .
باب الدعاء للميت بعد دفنه والقعود عند قبره ساعة
للدُّعاء له والاستغفار والقراءة
946- عن أبي عَمْرو وقيل : أبو عبد اللَّه ، وقيل : أبو لَيْلى عُثْمَانُ بن عَفَّانَ رضي اللَّه عنه قال : كانَ النَّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إذا فرَغَ من دفن المَيِّتِ وقَفَ علَيهِ ، وقال : «استغفِرُوا لأخِيكُم وسَلُوا لَهُ التَّثبيتَ فإنَّهُ الآن يُسأَلُ » .رواه أبو داود .
947- وعن عمرو بن العاص رضي اللَّه عنه قال : إذا دفنتمُوني ، فأقيموا حَوْل قَبرِي قَدْرَ ما تُنحَرُ جَزُورٌ ، ويُقَسَّمُ لحْمُها حَتى أَسْتَأنِسَ بِكم ، وأَعْلم ماذا أُرَاجِعُ بِهِ رُسُلَ ربِّي . رواه مسلم . وقد سبق بطوله .
قال الشَّافِعِيُّ رَحِمهُ اللَّه : ويُسْتَحَبُّ أن يُقرَأَ عِنْدَهُ شيءٌ مِنَ القُرآنِ ، وَإن خَتَمُوا القُرآن عِنْدهُ كانَ حَسناً .
باب الصدقة عن الميت والدعاء له
قال اللَّه تعالى: { والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان } .
948- وعَنْ عائِشَةَ رَضيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَجُلاً قال للنَّبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إنَّ أُمِّي افتُلتَتْ نَفْسُهَا وَأُرَاهَا لو تَكَلَّمَتْ ، تَصَدَّقَتْ ، فَهَل لهَا من أَجْرٌ إن تصَدَّقْتُ عَنْهَا ؟ قال : « نَعَمْ ». متفقٌ عليه .
949- وعن أبي هُرَيْرَةَ رَضيَ اللَّه عَنْهُ أنَّ رسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : « إذا مَاتَ الإنسَانُ انقطَعَ عمَلُهُ إلاَّ مِنْ ثَلاثٍ : صَدقَةٍ جاريَةٍ ، أوْ عِلم يُنْتَفَعُ بِهِ ، أَوْ وَلَدٍ صَالحٍ يَدعُو له » رواه مسلم .
باب ثناء الناس على الميت
950- عن أَنسٍ رضي اللَّه عنه قال : مرُّوا بجَنَازَةٍ ، فَأَثنَوا عَلَيْهَا خَيراً فقال النبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: « وَجَبَتْ » ، ثم مرُّوا بِأُخْرَى ، فَأَثنَوْا عليها شَرّاً ، فَقَال النَِّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « وَجبَتْ » فَقَال عُمرُ ابنُ الخَطَّاب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : ما وجبَتْ ؟ قَالَ : « هذا أَثنَيتُمْ علَيْهِ خَيراً ، فَوَجبتْ لَهُ الجنَّةُ، وهذا أَثنَيتُم عليه شرّاً، فَوَجبتْ لَهُ النًَّارُ، أنتُم شُهَداءُ اللَّهِ في الأرضِ». متفقٌ عليه.
951- وعن أبي الأسود قال : قَدِمْتُ المدِينَةَ ، فَجَلَسْتُ إلى عُمْرَ بن الخَطَّابِ رضي اللَّه عنْهُ فَمرَّتْ بِهِمْ جنَازةٌ ، فأُثنىَ على صَاحِبها خَيْراً فقال عُمَرُ : وجبت ، ثم مُرَّ بأُخْرى ، فَأثنِىَ على صَاحِبِها خَيراً ، فَقَالَ عُمرُ : وجبَت ، ثم مُرَّ بِالثَّالِثَةِ ، فَأُثنِيَ على صاحبها شَرًّا، فَقَال عُمرُ : وجبتْ : قَالَ أَبُو الأسْودِ : فَقُلْتُ : وما وجبَت يا أميرَ المؤمنين ؟ قال : قُلتُ كما قال النَّبيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « أَيُّمَا مُسلِم شَهِدَ لهُ أَربعةٌ بِخَير ، أَدخَلَهُ اللَّه الجنَّةَ » فَقُلنَا : وثَلاثَةٌ ؟ قال : « وثَلاثَةٌ » فقلنا : واثنانِ ؟ قال : « واثنانِ » ثُمَّ لم نَسأَ لْهُ عَن الواحِدِ . رواه البخاري .
باب فضل من مات وله أولاد صغار
953- وعن أَبي هُرَيْرَةَ رضِيَ اللَّهُ عنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « لا يَمُوتُ لأِحَدٍ مِنَ المُسْلِمِينَ ثَلاثةٌ مِنَ الوَلَدِ لا تمَسُّهُ النَّارُ إِلاَّ تَحِلَّةَ القَسَم » متفقٌ عليه .
« وَتَحِلَّهُ القَسَم » قولُ اللَّهِ تعالى : { وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا } والوُرُودُ : هُوَ العُبُورُ عَلى الصِّراطِ ، وَهُوَ جسْرٌ مَنْصُوبٌ عَلَى ظهْرِ جَهَنَّمَ . عَافَانَا اللَّهُ مِنْهَا .
954- وعن أَبي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : جَاءَتِ امرأَةٌ إِلى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَقَالَتْ : يا رَسُولَ اللَّهِ ذَهَبَ الرِّجالُ بحَديثِكَ ، فاجْعَلْ لَنَا مِنْ نَفْسِكَ يَوْماً نَأْتيكَ فيهِ تُعَلِّمُنَا مِمَّا عَلَّمَكَ اللَّه ، قَالَ : « اجْتَمِعْنَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا » فَاجْتَمَعْنَ ، فَأَتَاهُنَّ النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم فَعَلَّمَهنَّ مِمَّا علَّمهُ اللَّه ، ثُمَّ قَالَ : « ما مِنْكُنَّ مِن امْرَأَةٍ تُقَدِّمُ ثَلاثةً منَ الوَلَدِ إِلاَّ كانُوا لهَا حِجَاباً منَ النَّار » فَقالتِ امْرَأَةٌ : وَاثنينِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم « وَاثْنَيْن » متفقٌ عليه .
باب البكاء والخوف عندا لمرور بقبور الظالمين
ومصارعهم وإظهار الافتقار إلى اللَّه تعالى والتحذير من الغفلة عن ذلك
955- عَن ابْنِ عُمَر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّ رسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ لأصْحَابِهِ يَعْني لمَّا وَصلُوا الحِجْرَ : دِيَارَ ثمُودَ : « لا تَدْخُلُوا عَلى هَؤُلاءِ المُعَذَّبِينَ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، فَإِنْ لمْ تَكُونُوا باكِين ، فَلا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ ، لا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ » متفقٌ عليه .
وفي رواية قال : لمَّا مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم بِالحِجْرِ قال : « لا تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَنْ يُصِيبكُمْ مَا أَصَابَهُمْ إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ » ثُمَّ قَنَّع رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، رَأْسَهُ وَأَسْرَعَ السَّيْرَ حَتى أَجَازَ الوَادي .